صوت من الأنقاض
المؤلف: أرل البر رويل
copy right 1933, by the review and herald publishing association
طبع في لبنان
بدأت بتقليب صفحات هذا الكتاب القديم العبق بالغبار, وما أسرع أن أثار إنتباهي و تلهفي لقرائته و التنقيب في زوياه و البحث في ما بين السطور و داخل الحروف بمجرد قراءتي لعنوانه
( صوت من الأنقاض )
ملحد يتجدد في الإيمان يتحدى جميع الملحدين
يا لها من عبارة جريئة !!!!! قمة في الثقة و الجرأة و الإيمان
كتاب يتحدث عن ملحد بعد أن أنعم الله عليه بالإيمان أراد أن يرشد الآخرين و يعينهم على الانتقال من الموت إلى الحياة , أخذ يجول في كثير من المدن يخطب في الناس و أعلن أنه على استعداد أن يجيب على كل سؤال يقدم له وجيهاً أو غير وجيه و يعطي الفرصة لأي كان من الحضور أن يقاطعه و يعترض على ما شاء من حديثه و هو كله تحدي و ثقة أنه سيكون لديه الجواب الشافي و المقنع و الحجة المقنعة لكل احتجاج أو انتقاد يوجه له
و يعرض الكتاب من خلال 12 فصل المواضيع التي تم مناقشتها في الاجتماعات بين هذا المؤمن السيد داوود دير و الملحدين و الذي يمثلهم عائلة السيد أمرسون كمثال للذين تحداهم بعد قراءتهم هذا الإعلان الغريب من نوعه في الجريدة الذي كان عنوانه (دحض الإلحاد و تفنيده )
جاء الفصل الأول بعنوان استهزاء المستهزئ و هو أول لقاء تم بين الملحدين و السيد داوود دير عرض فيه على الملحدين تحديهم علانية , كان جسارة مدهشة في نظرهم و قدم لهم الكتاب المقدس معلناً صدق النبوات التي وردت فيه على لسان الأنبياء
" امتحنوا كل شيء و تمسكوا بالحسن" تسالونيكي 21:5 " من هذه الآية بدأ حواره في الكتاب المقدس داعياً الملحدين ليمتحنوا الكتاب المقدس و يكتشفوا صدق نبواته بنفسهم
و هكذا بدأ الفصل الثاني من الكتاب ليتحدث عن نقاش السيد دير مع الملحدين و أولهم السيد أمرسون
" إن صدق الكتاب المقدس كله مرهون بمقدرته على إعلان ما لم يزل في طيات المستقبل و إذا صدق في ادعائه فأعلن حقيقة ما هو في طي الكتمان فيكون ذلك نفسه معجزة يعجز الإنسان عن القيام بها و برهاناً كافياً إنه من مصدر إلهي " بهذه العبارات أقنع السيد دير الحضور بأهمية مناقشة مسألة النبوات لا و بل وجه لهم الدعوة ليكونوا هم الشهود على صدق النبوات
ثم ما لبث أن فاجأهم بادعائه أن هناك طريقتين لتفنيد الكتاب المقدس مما شد انتباههم البالغ فاستطرد قائلاً أنه يفنّد إما بإبراز كتاب آخر غيره يتضمن نبوات حقيقية أو تفنيد نبوات الكتاب المقدس نفسه , فلم أحجم الملحدون عن القيام بأحدهما ؟؟؟
هذه الكلمات أثارت غضب الملحدين مطالبين بسماع هذه النبوات التي يدعي هذا الخطيب وجودها و روحه تمتلئ ثقة لم يشهدوها من قبل و هذا ما نافشه الفصل الثالث من الكتاب بعنوان ( عرض القضية ) بداية بمدينة صور التي أزهرت طيلة ألفي سنة لتصبح سيدة البحر و التي تنبأ عنها حزقيال النبي " فيخربون أسوار صور و يهدمون أبراجها , واسحي ترابها عنها و أصيرها ضح الصخر فتكونين مبسطاً للشباك و لا تبنين بعد لأني أن الرب تكلمت "
بعد 13 سنة من حصار نبوخذ نصر مدينة صور دخل المدينة و أهلكها منتقماً منها و من سكانها و مبانيها تنباْ عنها حزقيال سنة 586 ق.م و حين اعترض الملحدون على تاريخ كتابة هذه النبوة , مدعين أنه بعد اسكندر ذو القرنين الذي أتم النبوة فزحف على صور سنة 332 ق.م فأخذ أسوار صور القديمة و أبراجها و أخشابها و حجارة قصورها و بيوتها ليكون منها معبراً من البر إلى الجزيرة و ألقى ترابها في البحر و هكذا تمت النبوة بالحرف الواحد
ثم واجهتهم شهادة الملحدين الؤرخين في دائرة المعارف البريطانية و التي قدرت كتابة سفر حزقيال مابين 586 ق.م – 450 ق.م و هذا يعني انه قبل أيام الاسكندر ب 119 سنة و كما فاتهم قول النبوة أن المدينة لا تبنى بعد إلى الأبد ) و الحكم الإلهي نافذ إلى الآن, و تفاجئ الحضور جميعا حين أشار السيد داوود إلى الطريقة التي يستطيعون فيها تفنيد الكتاب المقدس
و تتطلع الحضور جميعاً إلى تلك الطريقة , مما فتح أفواههم دهشة و هذا ما تناوله الفصل الرابع من الكتاب تحت عنوان ( كيفية تفنيد الكتاب المقدس )
إذ قال لهم "إذ إن قول الرب عن المدينة ( لا تبنين بعد) تكمن فرصة لتنفنيده بل و تحريض على القيام بعمل يكذبه , فلماذا لا تبنون مدينة صور القديمة ؟؟ لأن دولار واحد من كل ملحد من أوروبا و أمريكا يكفي لإعادة مجدها و عظمتها الغابرة", ثم أكد كلامه بالنبوة التي تحدثت عن مدينة صيدا التي تنبأ الكتاب المقدس بخرابها و لكن دون الحكم بزوالها إلى الأبد و هي بالفعل إلى اليوم لا تزال قائمة يقطنها أكثر من 30 ألف نسمة (في وقت إصدار الكتاب) مع أنها عانت الكثير من الحروب ما لم تره مدينة أخرى , فيالا دقة النبوات حقاً.
بعد كل ما قدمه السيد دير من حقائق و براهين عارضه السيد أمرسون بأنها كلها مدن كانت الدلائل تومي بمصيرها فكانت كل النبوات تلك مجرد تكهنات فأبرز له السيد دير نبوة تمثلت بمدينة لم تكن الدلائل توحي بمصيرها كسابقاتها , و هي مدينة اشقلون, ( أشقلون للخراب ) صنفيا 4:2 , " أشقلون لا تسكن" زكريا 5:9 , كانت هذه المدينة حتى أيام المسيح في ذروة قوتها تراها الآن أعمدة مكسرة و خراب حسب الموسوعة البريطانية استولى عليها العرب سنة 636 م , هدمها السلطان بيبرس سنة 270 م و سد ميناءها بالحجارة و لا تزال أبراجها الهائلة مبعثرة على الأرض , صورة خراب و لا يسكنها أحد و لو كانت هذه المدينة مثل صيدا الآن مدينة عامرة لكانت دليلا يتمسك به الملحدون ليحكموا ببطلان كلمة الله
( لا تحتقروا النبوات ) تسالونيكي 20:5 لكن الملحدون يحتقرونها على أن هذا لا يبدل حقيقة كونها صادقة
و قد أورد الخطيب مثلا أعجبني حيث قال لهم عن الملح الشهير روبرت أنكسول و الواعظ الكبير بيتشر صديقين و كان الواعظ في غرفته للمطالعة كرة فلكية بديعة الصنع و كان مرسوما عليها أبراج النجوم بشكل بارز راقت السيد أنكسول جداً فأخذ يديرها ثم قال: "هذه ضالتي فمن صنعها؟" قال له الواعظ :من صنعها ؟ أنت تسألني من صنعها ؟ لم يصنعها أحد , و إنما جاءت صدفة, صارت من نفسها
هكذا يحكم الملحدون على النبوات أنها جاءت صدفة و نبوات الكتاب المقدس وحدها تأتي صدفة
بهذا المثل الرائع أنهى الكاتب فصله الرابع ليناقش في الفصل الخامس (جسارة النبي دانيال) هذا السفر الذي كان اختلاف كبير بين المؤمنين و الملحدين حول سنة كتابته, أشار السيد دير أنها القرن السادس قبل الميلاد بينما يدعي السيد أمرسون أنه لم يكتب قبل سنة 168 ق.م و لكننا نجد أن استـأذنا يثبت لنا أنه حتى لو كان كما ادعوا أنه سفر دانيال كتب سنة 168 ق.م فإن المعجزة تبقى راسخة في وجه مشوهيها حيث أن دانيال تنبأ أن عدد الممالك التي ستسود العالم من بابل إلى نهاية الأيام يكون أربعة فقط , فإذا مان قد عاش سنة 600 قبل الميلاد فيكون قد خبر بقيام 3 ممالك و إذا كان قد عاش سنة 168 ق.م فإنه كان ملماً و عارفاً بقيام 4 ممالك متتالية في فترة 400 سنة و بالتالي لا تزال نبوات دانيال أعجوبة لأن النبي دانيال رغم تعاقب هذه الممالك الأربع تجاسر و تنبأ بأن مملكة عالمية أخرى لا تقوم إلى نهاية العالم مخالفاً المنطق لإنه كما هو معروف فإن التاريخ يعيد نفسه في كل مرة استولت دولة على أخرى و لو كان تنبأمن حكمته الخاصة لما قال هذه النبوة لأنه كان سيتنبأ أن رومية ستسقط كما سقط الذي سبقها , و لكن هل اختفت المملكة الرومانية ؟ أمام مملكة خامسة و داستها في التراب؟ , لا و بل قد أقنع الخطيب الملحدين بأسلوب منطقي أنهم بإدعائهم أن سفر دانيال قد كتب سنة 168 قد جعلوا نبؤته معجزة أكبر مما لو كانت نبؤته في القرن السادس ق.م , لأنه في الحالة الثانية لم يكن لديه ما يدل على تعاقب الممالك العالمية لأن الأمم العظيمة التي ملكت إلى ذاك الحين و إن كانت قديمة لم تعتبر عالمية , أما سنة 168 ق.م فقد تثبتت و خالفها دانيال و تنبأ بأن مملكة عالمية أخرى بعد رومية لا تقوم ,
أما بعد الانتهاء من هذا النقاش نرى في الفصل السادس كيف شهد الملحدون مكرهين لوحي الكتاب المقدس خاصة بعد أن شرح لهم السيد دير عن النبؤات حول بابل العظيمة التي في أوج مجدها بدت مدينة باقية تعمر إلى الأبد و تنبأ أشعيا قائلا ( لا تعمر إلى الأبد و لا تسكن إلى دور فدور و لا يخيم هناك أعرابي و لا يربض هناك رعاة ) أشعيا 20:13 , ثم جاء أرميا يؤازر أشعياء قائلا " تكون خراب إلى الأبد " أرميا 26:51 " تكون بابل كوماً و مأوى بنات آوى و دهشاً وصفيراً بلا ساكن"
و بعد أن قرأ هذه النبوات وجه السؤال للملحدين في القاعة أن كان أحدهم يشك بصحتها , و لم يستطع أحد التشكيك بها من الحضور و السفرين من الترجمة السبعينية حوالي 200 سنة قبل الميلاد إذاً فيجمع الكل أنها صحيحية و أنها كتبت قبل 200 سنة ق.م و النبوات لم تتم إلا بعد فترة من صلب المسيح مما أثار الدهشة في وجوه الكل خاصة بعد أن عرفوا أن النبياء لم يصفوا سقوط بابل فقط بل كذلك وصفوا حالتها الحاضرة كما هي اليوم بعد مضي ألفي سنة على الكلام بنبواتها
بابل مدينة البعل عاصمة العالم إحدى غرائبه السبع التي حاربت أورشليم محاربة المارد للقزم اندثرت لا تسكن أما أورشليم فبقيت مأهولة لهذا اليوم فمدن العالم المهمة تقع عادة في أماكن لها مميزات طبيعية سكانها لا يتركونها , فكان هذا أحرى ببابل أعظم مدن العالم و أغناها , لكنها اندثرت حتى أن أعرابي لا يسكنها كما تقول النبوة تماماً , كيف عرف النبي أشعيا أن الاعراب يخافون التخييم فيها إلى يومنا هذا ؟؟ إنها حقائق لا تفسر على أنها مجرد حماسة دينية لأناس رأوا الشر منتشر في ثنايا هذه المدن و شوارعها فتنبؤا دمارها من غضب الله عليها لأنه لو صدق هذا لانطبق كذلك على روما أكبر المدن أنذاك و هي التي لا تزال إلى يومنا هذا
فقد أعطى لنا الأنبياء صورة جلية واضحة لما تكون عليه بابل بعد خرابها و لا يستطيع المؤرخ أن يصف بابل الآن بغير الوصف الذي وصفها به أشعيا و أرميا و حزقيال منذ أكثر من ألفي سنة
أما في الفصل السابع تحدث عن السيد المسيح قلب النبوة و بينما كان السيد أمرسون و عائلته ينتظرون في القاعة قال السيد أمرسون أن موضوع اليوم عن السيد المسيح هو ليس أهم موضوع في هذه السلسلة فحسب بل هو أهم موضوع في العالم أجمع و في الحياة كلها مع أنه ملحد إلا أنه اعترف أنه ليس في العالم موضوع أهم من السيد المسيح , أما السيد دير فبعد بدئه بالخطاب تكلم عن انطباق النبوات في العهد القديم على شخص السيد المسيح , فلا يقدر أحد أن يقول أن هذه النبوات بعد أيام المسيح لأن آخر سفر من أسفار العهد القديم( نبوة ملاخي) قبل ولادة المسيح ب 400 سنة او إذا قبلنا رأي غلاة النقاد قبل 168 سنة
ففي أول عظة ألقاها السيد المسيح في الناصرة استشهد بنبوة أشعياء و
قال :" اليوم قد تم المكتوب في مسامعكم " لوقا 21:4 , فيتبين من خلال استعراض النبوات في العهد القديم مما لا شك فيه أن اليهود ينتظرون المسيا المخلص و قد جاءت نبوات عديدة تتحدث عنه حيث يملأ السيد المسيح أسفار العهد القديم أيضاً ملئ الدم للعروق , بدت هذه النبوات حسب الظاهر متناقضة حيث يقول أشعيا أن المولود طفلا و هو إله قدير" و في الإصحاح الثالث و الخمسين تقرأ أن المسيح يموت و هو شاب لا نسل له و مع ذلك تطول أيامه و يشبع نسلاً و يقتل كالمجرم و رغم هذا , اجتمعت المواصفات كلها في شخص يسوع المسيح
كما أن المسيح جاء في الوقت المعين في النبوات قبل خراب الهيكل و تدهور سبط يهوذا و الذي حدده دانيال ( الأسابيع التسعة و الستين ) و هنا الأسابيع سنين لا أيام أي 483 سنة من 457 ق.م إلى 27 م السنة التي اعتمد فيها السيد المسيح , فقد تنبأ اليهود أن أحدهم سيكون هو السيد المسيح و يكون باراً و تنبذه الأمة اليهودية و تقبله الأمم و أنه يكون بركة لكل الأمم و يأتي في زمن معين و و يقتل كمجرم و هذه الصفات ظهرت جميعها في السيد يسوع المسيح , فشخصية السيد المسيح و صفاته هي أساس المسيحية بشهادة الملحدين الذين يتحدون بمدحه لأنه شخصية جذابة و محبوبة كاملة و بمقارنة هذا مع غيره من الفلاسفة و الأخلاقيين نجد فرقاً شاسعاً لأنه لم يقف أحدهم في وجه الرذيلة مثل أفلاطون الذي شجع الدعارة و إقامة محلات للمومسات و شجع الشبان على ارتيادها و مثيله كثيرون مع أنهم قدما للعالم أشياء كثيرة حسنة لكن كما يسلم الملحدون أن السيد الميسح رغم عدم تحصيله ثقافة دنيوية تفوق على الفلاسفة جميعاً
أما حين طرح موضوع من هو مؤسس المسيحية , فقال السيد أمرسون أن النبؤات لا تكفي لتثبت أن المسيح هو مؤسسها فبدأ السيد دير بماقشة تأسيس المسيحية و التي في بداية انتشارها واجهت صعوبات كبيرة من اليهود الذين خاب أملهم إذ كانوا ينتظرون المسيح الذي يحررهم من الرومان و من الدولة نفسها لأن المسيحية أنكرت ألوهية الملك , و يجمع الكتاب الوثنيين و اليهود أن المسيح صلب على عهد بلاطس البنطي ز لا يشك أحد أنه من وضع أحد غير كتٌابه , تلك الجماعة المسيحية الذين احتملوا المشقات و عانوا الشدائد من أجل إيمانهم و ما هو إيمانهم؟ هو ان رجلا أعدم كمجرم و قام في اليوم الثالث , تلك القصة الغريبة التي قلبت الدنيا رأساً على عقب و يعترف غلاة الملحدين انفسهم التأثير الفعال لشخصية يسوع المسيح في رفع مستوى العالم , و وفق هذه النقطة طرح السيد أمرسون الطلب في الاستشهاد بهؤلاء الملحدين الذين ذكرهم الخطيب و الذين يشهدون للسيد المسيح و هذا ما تناوله الفصل الثامن من حول الملحدين الذين يشهدون للسيد المسيح, بدأ الحديث عن كتًاب العهد الجديد الذين استجوبهم أعداؤهم و حكماء اليهود و اليونان و النامسيون الماهرون و اقتحمتهم السيوف و الصلبان و السياط و السجون و الموت, فما لنا وثيقة و احدة تعذب مصنفها عذبات كتاب الإنجيل , فإذا كنا نقبل كتب الؤرخين الذين لم يمتحن صدق أقوالهم بمثل هذه الامتحانات فالأولى أن نقبل شهادة الذين جازوا الصعاب و فازوا في الامتحان ,
ثم وسط مطالبة الحاضرين في بدء الحديث عن شواهد الكتاب الملحدين معتقدين بل واثقين أنه سيذكر كتاب صغار لا قيمة لهم
طلب المحاضر من السيد أمرسون أن يتقدم إلى المنصة و يقرأ للجميع النصوص التي أحضرها السيد دير لهم اليوم , فكانت البداية بكتاب "تاريخ الآداب الأوروبية" لكاتبه وليم ليكي الذي كان في طليعة الملحدين , إيرلندي التبعة سياسياً و فيلسوفاً قال في كتابه" قضي أن يكون من حظ المسيحية أن تقد للعالم الشخصية المثل .... تاريخ ثلاث سنسن قصيرة من حياة الخدمة كان أفعل في إصلاح البشرية و تربية أخلاقهم من جميع مقالات الفلاسفة و عظات الأديبين
أما الكتاب الثاني مقامات السيد استورت مل الاقتصادي الفيلسوف البريطاني , الملحد البارز الذي شهد كتابه بالكلمات التالية:"الآن يبقى السيد المسيح شخصاً منفرداً لا يعادله أحد بين الذين سبقوه ... و لا يجدي نفعاً أن نقول أن شخصاً مثال هذا المرسوم في الأناجيل لم يكن أو ندعي بأن كثيراً مما يثير الإعجاب فيه قد أضيف إلى القصة لأنه ما من تلاميذه أو دخلائهم كان له القدرة على استنباط الأقوال المنسوبة إلى الرب يسوع ...أكان صيادوا الجليل قادرين على ذلك؟ ... و اليوم أيضاً لا يجد الملحد طريقاً لإخراج الفضيلة من حيز الفكر إلى حيز الفعل أنجع من حياة يستحسنها السيد المسيح "
أما الكتاب الثالث جنرال الأبحاث لمؤلفه تشارلز داروين , العلاّمة النشؤي المشهور , بين سنة 1831 و سنة 1836 سافر السيد داروين في جولة حول العالم و رأى أسوء و أظلم الأقطار في جولته نيوزلندا و لاحظ تغيير ذلك بعد التبشير فقال :" إن عمل المبشر بمثابة عصا الرافي , إن التحسن المطرد من انتشار الإنجيل لمن نوادر التاريخ "
المؤلف: أرل البر رويل
copy right 1933, by the review and herald publishing association
طبع في لبنان
بدأت بتقليب صفحات هذا الكتاب القديم العبق بالغبار, وما أسرع أن أثار إنتباهي و تلهفي لقرائته و التنقيب في زوياه و البحث في ما بين السطور و داخل الحروف بمجرد قراءتي لعنوانه
( صوت من الأنقاض )
ملحد يتجدد في الإيمان يتحدى جميع الملحدين
يا لها من عبارة جريئة !!!!! قمة في الثقة و الجرأة و الإيمان
كتاب يتحدث عن ملحد بعد أن أنعم الله عليه بالإيمان أراد أن يرشد الآخرين و يعينهم على الانتقال من الموت إلى الحياة , أخذ يجول في كثير من المدن يخطب في الناس و أعلن أنه على استعداد أن يجيب على كل سؤال يقدم له وجيهاً أو غير وجيه و يعطي الفرصة لأي كان من الحضور أن يقاطعه و يعترض على ما شاء من حديثه و هو كله تحدي و ثقة أنه سيكون لديه الجواب الشافي و المقنع و الحجة المقنعة لكل احتجاج أو انتقاد يوجه له
و يعرض الكتاب من خلال 12 فصل المواضيع التي تم مناقشتها في الاجتماعات بين هذا المؤمن السيد داوود دير و الملحدين و الذي يمثلهم عائلة السيد أمرسون كمثال للذين تحداهم بعد قراءتهم هذا الإعلان الغريب من نوعه في الجريدة الذي كان عنوانه (دحض الإلحاد و تفنيده )
جاء الفصل الأول بعنوان استهزاء المستهزئ و هو أول لقاء تم بين الملحدين و السيد داوود دير عرض فيه على الملحدين تحديهم علانية , كان جسارة مدهشة في نظرهم و قدم لهم الكتاب المقدس معلناً صدق النبوات التي وردت فيه على لسان الأنبياء
" امتحنوا كل شيء و تمسكوا بالحسن" تسالونيكي 21:5 " من هذه الآية بدأ حواره في الكتاب المقدس داعياً الملحدين ليمتحنوا الكتاب المقدس و يكتشفوا صدق نبواته بنفسهم
و هكذا بدأ الفصل الثاني من الكتاب ليتحدث عن نقاش السيد دير مع الملحدين و أولهم السيد أمرسون
" إن صدق الكتاب المقدس كله مرهون بمقدرته على إعلان ما لم يزل في طيات المستقبل و إذا صدق في ادعائه فأعلن حقيقة ما هو في طي الكتمان فيكون ذلك نفسه معجزة يعجز الإنسان عن القيام بها و برهاناً كافياً إنه من مصدر إلهي " بهذه العبارات أقنع السيد دير الحضور بأهمية مناقشة مسألة النبوات لا و بل وجه لهم الدعوة ليكونوا هم الشهود على صدق النبوات
ثم ما لبث أن فاجأهم بادعائه أن هناك طريقتين لتفنيد الكتاب المقدس مما شد انتباههم البالغ فاستطرد قائلاً أنه يفنّد إما بإبراز كتاب آخر غيره يتضمن نبوات حقيقية أو تفنيد نبوات الكتاب المقدس نفسه , فلم أحجم الملحدون عن القيام بأحدهما ؟؟؟
هذه الكلمات أثارت غضب الملحدين مطالبين بسماع هذه النبوات التي يدعي هذا الخطيب وجودها و روحه تمتلئ ثقة لم يشهدوها من قبل و هذا ما نافشه الفصل الثالث من الكتاب بعنوان ( عرض القضية ) بداية بمدينة صور التي أزهرت طيلة ألفي سنة لتصبح سيدة البحر و التي تنبأ عنها حزقيال النبي " فيخربون أسوار صور و يهدمون أبراجها , واسحي ترابها عنها و أصيرها ضح الصخر فتكونين مبسطاً للشباك و لا تبنين بعد لأني أن الرب تكلمت "
بعد 13 سنة من حصار نبوخذ نصر مدينة صور دخل المدينة و أهلكها منتقماً منها و من سكانها و مبانيها تنباْ عنها حزقيال سنة 586 ق.م و حين اعترض الملحدون على تاريخ كتابة هذه النبوة , مدعين أنه بعد اسكندر ذو القرنين الذي أتم النبوة فزحف على صور سنة 332 ق.م فأخذ أسوار صور القديمة و أبراجها و أخشابها و حجارة قصورها و بيوتها ليكون منها معبراً من البر إلى الجزيرة و ألقى ترابها في البحر و هكذا تمت النبوة بالحرف الواحد
ثم واجهتهم شهادة الملحدين الؤرخين في دائرة المعارف البريطانية و التي قدرت كتابة سفر حزقيال مابين 586 ق.م – 450 ق.م و هذا يعني انه قبل أيام الاسكندر ب 119 سنة و كما فاتهم قول النبوة أن المدينة لا تبنى بعد إلى الأبد ) و الحكم الإلهي نافذ إلى الآن, و تفاجئ الحضور جميعا حين أشار السيد داوود إلى الطريقة التي يستطيعون فيها تفنيد الكتاب المقدس
و تتطلع الحضور جميعاً إلى تلك الطريقة , مما فتح أفواههم دهشة و هذا ما تناوله الفصل الرابع من الكتاب تحت عنوان ( كيفية تفنيد الكتاب المقدس )
إذ قال لهم "إذ إن قول الرب عن المدينة ( لا تبنين بعد) تكمن فرصة لتنفنيده بل و تحريض على القيام بعمل يكذبه , فلماذا لا تبنون مدينة صور القديمة ؟؟ لأن دولار واحد من كل ملحد من أوروبا و أمريكا يكفي لإعادة مجدها و عظمتها الغابرة", ثم أكد كلامه بالنبوة التي تحدثت عن مدينة صيدا التي تنبأ الكتاب المقدس بخرابها و لكن دون الحكم بزوالها إلى الأبد و هي بالفعل إلى اليوم لا تزال قائمة يقطنها أكثر من 30 ألف نسمة (في وقت إصدار الكتاب) مع أنها عانت الكثير من الحروب ما لم تره مدينة أخرى , فيالا دقة النبوات حقاً.
بعد كل ما قدمه السيد دير من حقائق و براهين عارضه السيد أمرسون بأنها كلها مدن كانت الدلائل تومي بمصيرها فكانت كل النبوات تلك مجرد تكهنات فأبرز له السيد دير نبوة تمثلت بمدينة لم تكن الدلائل توحي بمصيرها كسابقاتها , و هي مدينة اشقلون, ( أشقلون للخراب ) صنفيا 4:2 , " أشقلون لا تسكن" زكريا 5:9 , كانت هذه المدينة حتى أيام المسيح في ذروة قوتها تراها الآن أعمدة مكسرة و خراب حسب الموسوعة البريطانية استولى عليها العرب سنة 636 م , هدمها السلطان بيبرس سنة 270 م و سد ميناءها بالحجارة و لا تزال أبراجها الهائلة مبعثرة على الأرض , صورة خراب و لا يسكنها أحد و لو كانت هذه المدينة مثل صيدا الآن مدينة عامرة لكانت دليلا يتمسك به الملحدون ليحكموا ببطلان كلمة الله
( لا تحتقروا النبوات ) تسالونيكي 20:5 لكن الملحدون يحتقرونها على أن هذا لا يبدل حقيقة كونها صادقة
و قد أورد الخطيب مثلا أعجبني حيث قال لهم عن الملح الشهير روبرت أنكسول و الواعظ الكبير بيتشر صديقين و كان الواعظ في غرفته للمطالعة كرة فلكية بديعة الصنع و كان مرسوما عليها أبراج النجوم بشكل بارز راقت السيد أنكسول جداً فأخذ يديرها ثم قال: "هذه ضالتي فمن صنعها؟" قال له الواعظ :من صنعها ؟ أنت تسألني من صنعها ؟ لم يصنعها أحد , و إنما جاءت صدفة, صارت من نفسها
هكذا يحكم الملحدون على النبوات أنها جاءت صدفة و نبوات الكتاب المقدس وحدها تأتي صدفة
بهذا المثل الرائع أنهى الكاتب فصله الرابع ليناقش في الفصل الخامس (جسارة النبي دانيال) هذا السفر الذي كان اختلاف كبير بين المؤمنين و الملحدين حول سنة كتابته, أشار السيد دير أنها القرن السادس قبل الميلاد بينما يدعي السيد أمرسون أنه لم يكتب قبل سنة 168 ق.م و لكننا نجد أن استـأذنا يثبت لنا أنه حتى لو كان كما ادعوا أنه سفر دانيال كتب سنة 168 ق.م فإن المعجزة تبقى راسخة في وجه مشوهيها حيث أن دانيال تنبأ أن عدد الممالك التي ستسود العالم من بابل إلى نهاية الأيام يكون أربعة فقط , فإذا مان قد عاش سنة 600 قبل الميلاد فيكون قد خبر بقيام 3 ممالك و إذا كان قد عاش سنة 168 ق.م فإنه كان ملماً و عارفاً بقيام 4 ممالك متتالية في فترة 400 سنة و بالتالي لا تزال نبوات دانيال أعجوبة لأن النبي دانيال رغم تعاقب هذه الممالك الأربع تجاسر و تنبأ بأن مملكة عالمية أخرى لا تقوم إلى نهاية العالم مخالفاً المنطق لإنه كما هو معروف فإن التاريخ يعيد نفسه في كل مرة استولت دولة على أخرى و لو كان تنبأمن حكمته الخاصة لما قال هذه النبوة لأنه كان سيتنبأ أن رومية ستسقط كما سقط الذي سبقها , و لكن هل اختفت المملكة الرومانية ؟ أمام مملكة خامسة و داستها في التراب؟ , لا و بل قد أقنع الخطيب الملحدين بأسلوب منطقي أنهم بإدعائهم أن سفر دانيال قد كتب سنة 168 قد جعلوا نبؤته معجزة أكبر مما لو كانت نبؤته في القرن السادس ق.م , لأنه في الحالة الثانية لم يكن لديه ما يدل على تعاقب الممالك العالمية لأن الأمم العظيمة التي ملكت إلى ذاك الحين و إن كانت قديمة لم تعتبر عالمية , أما سنة 168 ق.م فقد تثبتت و خالفها دانيال و تنبأ بأن مملكة عالمية أخرى بعد رومية لا تقوم ,
أما بعد الانتهاء من هذا النقاش نرى في الفصل السادس كيف شهد الملحدون مكرهين لوحي الكتاب المقدس خاصة بعد أن شرح لهم السيد دير عن النبؤات حول بابل العظيمة التي في أوج مجدها بدت مدينة باقية تعمر إلى الأبد و تنبأ أشعيا قائلا ( لا تعمر إلى الأبد و لا تسكن إلى دور فدور و لا يخيم هناك أعرابي و لا يربض هناك رعاة ) أشعيا 20:13 , ثم جاء أرميا يؤازر أشعياء قائلا " تكون خراب إلى الأبد " أرميا 26:51 " تكون بابل كوماً و مأوى بنات آوى و دهشاً وصفيراً بلا ساكن"
و بعد أن قرأ هذه النبوات وجه السؤال للملحدين في القاعة أن كان أحدهم يشك بصحتها , و لم يستطع أحد التشكيك بها من الحضور و السفرين من الترجمة السبعينية حوالي 200 سنة قبل الميلاد إذاً فيجمع الكل أنها صحيحية و أنها كتبت قبل 200 سنة ق.م و النبوات لم تتم إلا بعد فترة من صلب المسيح مما أثار الدهشة في وجوه الكل خاصة بعد أن عرفوا أن النبياء لم يصفوا سقوط بابل فقط بل كذلك وصفوا حالتها الحاضرة كما هي اليوم بعد مضي ألفي سنة على الكلام بنبواتها
بابل مدينة البعل عاصمة العالم إحدى غرائبه السبع التي حاربت أورشليم محاربة المارد للقزم اندثرت لا تسكن أما أورشليم فبقيت مأهولة لهذا اليوم فمدن العالم المهمة تقع عادة في أماكن لها مميزات طبيعية سكانها لا يتركونها , فكان هذا أحرى ببابل أعظم مدن العالم و أغناها , لكنها اندثرت حتى أن أعرابي لا يسكنها كما تقول النبوة تماماً , كيف عرف النبي أشعيا أن الاعراب يخافون التخييم فيها إلى يومنا هذا ؟؟ إنها حقائق لا تفسر على أنها مجرد حماسة دينية لأناس رأوا الشر منتشر في ثنايا هذه المدن و شوارعها فتنبؤا دمارها من غضب الله عليها لأنه لو صدق هذا لانطبق كذلك على روما أكبر المدن أنذاك و هي التي لا تزال إلى يومنا هذا
فقد أعطى لنا الأنبياء صورة جلية واضحة لما تكون عليه بابل بعد خرابها و لا يستطيع المؤرخ أن يصف بابل الآن بغير الوصف الذي وصفها به أشعيا و أرميا و حزقيال منذ أكثر من ألفي سنة
أما في الفصل السابع تحدث عن السيد المسيح قلب النبوة و بينما كان السيد أمرسون و عائلته ينتظرون في القاعة قال السيد أمرسون أن موضوع اليوم عن السيد المسيح هو ليس أهم موضوع في هذه السلسلة فحسب بل هو أهم موضوع في العالم أجمع و في الحياة كلها مع أنه ملحد إلا أنه اعترف أنه ليس في العالم موضوع أهم من السيد المسيح , أما السيد دير فبعد بدئه بالخطاب تكلم عن انطباق النبوات في العهد القديم على شخص السيد المسيح , فلا يقدر أحد أن يقول أن هذه النبوات بعد أيام المسيح لأن آخر سفر من أسفار العهد القديم( نبوة ملاخي) قبل ولادة المسيح ب 400 سنة او إذا قبلنا رأي غلاة النقاد قبل 168 سنة
ففي أول عظة ألقاها السيد المسيح في الناصرة استشهد بنبوة أشعياء و
قال :" اليوم قد تم المكتوب في مسامعكم " لوقا 21:4 , فيتبين من خلال استعراض النبوات في العهد القديم مما لا شك فيه أن اليهود ينتظرون المسيا المخلص و قد جاءت نبوات عديدة تتحدث عنه حيث يملأ السيد المسيح أسفار العهد القديم أيضاً ملئ الدم للعروق , بدت هذه النبوات حسب الظاهر متناقضة حيث يقول أشعيا أن المولود طفلا و هو إله قدير" و في الإصحاح الثالث و الخمسين تقرأ أن المسيح يموت و هو شاب لا نسل له و مع ذلك تطول أيامه و يشبع نسلاً و يقتل كالمجرم و رغم هذا , اجتمعت المواصفات كلها في شخص يسوع المسيح
كما أن المسيح جاء في الوقت المعين في النبوات قبل خراب الهيكل و تدهور سبط يهوذا و الذي حدده دانيال ( الأسابيع التسعة و الستين ) و هنا الأسابيع سنين لا أيام أي 483 سنة من 457 ق.م إلى 27 م السنة التي اعتمد فيها السيد المسيح , فقد تنبأ اليهود أن أحدهم سيكون هو السيد المسيح و يكون باراً و تنبذه الأمة اليهودية و تقبله الأمم و أنه يكون بركة لكل الأمم و يأتي في زمن معين و و يقتل كمجرم و هذه الصفات ظهرت جميعها في السيد يسوع المسيح , فشخصية السيد المسيح و صفاته هي أساس المسيحية بشهادة الملحدين الذين يتحدون بمدحه لأنه شخصية جذابة و محبوبة كاملة و بمقارنة هذا مع غيره من الفلاسفة و الأخلاقيين نجد فرقاً شاسعاً لأنه لم يقف أحدهم في وجه الرذيلة مثل أفلاطون الذي شجع الدعارة و إقامة محلات للمومسات و شجع الشبان على ارتيادها و مثيله كثيرون مع أنهم قدما للعالم أشياء كثيرة حسنة لكن كما يسلم الملحدون أن السيد الميسح رغم عدم تحصيله ثقافة دنيوية تفوق على الفلاسفة جميعاً
أما حين طرح موضوع من هو مؤسس المسيحية , فقال السيد أمرسون أن النبؤات لا تكفي لتثبت أن المسيح هو مؤسسها فبدأ السيد دير بماقشة تأسيس المسيحية و التي في بداية انتشارها واجهت صعوبات كبيرة من اليهود الذين خاب أملهم إذ كانوا ينتظرون المسيح الذي يحررهم من الرومان و من الدولة نفسها لأن المسيحية أنكرت ألوهية الملك , و يجمع الكتاب الوثنيين و اليهود أن المسيح صلب على عهد بلاطس البنطي ز لا يشك أحد أنه من وضع أحد غير كتٌابه , تلك الجماعة المسيحية الذين احتملوا المشقات و عانوا الشدائد من أجل إيمانهم و ما هو إيمانهم؟ هو ان رجلا أعدم كمجرم و قام في اليوم الثالث , تلك القصة الغريبة التي قلبت الدنيا رأساً على عقب و يعترف غلاة الملحدين انفسهم التأثير الفعال لشخصية يسوع المسيح في رفع مستوى العالم , و وفق هذه النقطة طرح السيد أمرسون الطلب في الاستشهاد بهؤلاء الملحدين الذين ذكرهم الخطيب و الذين يشهدون للسيد المسيح و هذا ما تناوله الفصل الثامن من حول الملحدين الذين يشهدون للسيد المسيح, بدأ الحديث عن كتًاب العهد الجديد الذين استجوبهم أعداؤهم و حكماء اليهود و اليونان و النامسيون الماهرون و اقتحمتهم السيوف و الصلبان و السياط و السجون و الموت, فما لنا وثيقة و احدة تعذب مصنفها عذبات كتاب الإنجيل , فإذا كنا نقبل كتب الؤرخين الذين لم يمتحن صدق أقوالهم بمثل هذه الامتحانات فالأولى أن نقبل شهادة الذين جازوا الصعاب و فازوا في الامتحان ,
ثم وسط مطالبة الحاضرين في بدء الحديث عن شواهد الكتاب الملحدين معتقدين بل واثقين أنه سيذكر كتاب صغار لا قيمة لهم
طلب المحاضر من السيد أمرسون أن يتقدم إلى المنصة و يقرأ للجميع النصوص التي أحضرها السيد دير لهم اليوم , فكانت البداية بكتاب "تاريخ الآداب الأوروبية" لكاتبه وليم ليكي الذي كان في طليعة الملحدين , إيرلندي التبعة سياسياً و فيلسوفاً قال في كتابه" قضي أن يكون من حظ المسيحية أن تقد للعالم الشخصية المثل .... تاريخ ثلاث سنسن قصيرة من حياة الخدمة كان أفعل في إصلاح البشرية و تربية أخلاقهم من جميع مقالات الفلاسفة و عظات الأديبين
أما الكتاب الثاني مقامات السيد استورت مل الاقتصادي الفيلسوف البريطاني , الملحد البارز الذي شهد كتابه بالكلمات التالية:"الآن يبقى السيد المسيح شخصاً منفرداً لا يعادله أحد بين الذين سبقوه ... و لا يجدي نفعاً أن نقول أن شخصاً مثال هذا المرسوم في الأناجيل لم يكن أو ندعي بأن كثيراً مما يثير الإعجاب فيه قد أضيف إلى القصة لأنه ما من تلاميذه أو دخلائهم كان له القدرة على استنباط الأقوال المنسوبة إلى الرب يسوع ...أكان صيادوا الجليل قادرين على ذلك؟ ... و اليوم أيضاً لا يجد الملحد طريقاً لإخراج الفضيلة من حيز الفكر إلى حيز الفعل أنجع من حياة يستحسنها السيد المسيح "
أما الكتاب الثالث جنرال الأبحاث لمؤلفه تشارلز داروين , العلاّمة النشؤي المشهور , بين سنة 1831 و سنة 1836 سافر السيد داروين في جولة حول العالم و رأى أسوء و أظلم الأقطار في جولته نيوزلندا و لاحظ تغيير ذلك بعد التبشير فقال :" إن عمل المبشر بمثابة عصا الرافي , إن التحسن المطرد من انتشار الإنجيل لمن نوادر التاريخ "